تقول إيمانويل أرسان في كتابها الذي نتناوله هنا إن انتماء المرأة لرجل يعني تأكيداً لوضع اجتماعي معترف به، وأن هذا الوضع يجعلها تعتقد أنها محترمة ومحسودة، والاهتمام بها يعني أن يكون لها منزل وملابس وأطفال تلبي مطالبهم في المأكل والملبس وحمايتهم، يعني أنها طوال حياتها تتجنب قلق التفكير لنفسها أو اتخاذ قراراتها الخاصة بما في ذلك من مخاطر، وإذا كان والداها ميتين أو كبيرين في السن فهناك رجل واحد يستطيع أن يزودها بكل ما تحتاجه ولفترة طويلة: زوجها.
وقد يتخيّل القارئ أن الكاتبة تصف العادات الموجودة وسط الأغنياء أو الطبقة المتوسطة، وأن زواج الطبقة العاملة ليس كذلك، لكن للأسف، فإن الفرصة إذا أتيحت لمثل هذه الطبقة فهي تتصرف كالأغنياء وتكون ألعن منهم.
في عالم الزواج لا يوجد صراع طبقي ولكن صراع على الامتيازات.
وهي ترى أنه بالنسبة لكثير من النساء فإن الخوف من فقد أزواجهن يختلط مع الخوف من فقدان التمتع بالأشياء التي يوفرها الزواج لهن، فالزوج كثيراً ما يصبح مجرد ملابس جميلة أو منزل أنيق تعيش فيه، والمرأة التي تبحث عن ملجأ في مثل هذه الأشياء، سوف تجد نفسها عاجلاً وهي تتشبث بحطام الأمان وبروابط بالية سرعان ما تهترئ بمرور الأيام.
سوف تبدأ بعضهنّ في القول:
"كل ما أطلبه أن يكون مخلصاً".
ثم يتنازلن تدريجياً:
"يستطيع أن يفعل ما يشاء، وأفترض أني لم أسمع شيئاً".
ثم:
"يكفي أن يأتي البيت ويأكل كل مساء".
ثم:
"يكفي أن يظهر كل عدة أيام، شريطة أن يحفظ ماء وجهي أمام أصدقائي".
حتى تصل إلى الأمر الذي لا محالة منه:
"يكفي أن يعطيني النقود التي تكفيني أنا والأولاد".
وإذا كان مجرى الزواج سينتهي إلى هذا الأمر، فلماذا لا نبدأ من النهاية.. على المرء أن يعترف صراحة بأن هذه المشاركة هدفها تواصل المشتريات والقيام بأعمال الطبخ ومسح مؤخرات الأطفال بآخر مبتكرات ورق الكلينكس الملون، والتصالح بعد تبادل اللوم أو الضربات.. أليس هذا هو واقع العائلة النموذجية المعتادة؟
ولكن بما أننا واعون بأن الحب الذي نعترف به خرافة، وأن نفاقنا مرض، فلنتخلص من هذه الأحلام مرة وإلى الأبد.. آنذاك نحرّر أنفسنا وننجح في ابتداع حب حقيقي، أقصد متعة جديدة وحرّية جديدة للجميع.
إنّ الحرّية التي يمكن للرجل والمرأة أن يمارساها في العصر الحاضر تكمن في معرفة أن المتعة لها جانبها الإيجابي، وأن أوهامنا الغامضة لم تكن نابعة من الحرية، لقد فرضت علينا، والتحرر الاقتصادي والسياسي لا يعني أننا أحرار.. الحرّية أن نغيّر العادات ونناضل ضد الجهل.
وأن تحيا.. معنى ذلك ألا تتوقف أثناء الطريق.